فلنواجه الأكاذيب با الحقائق

ما أكثر ما سمعنا ونسمع عن الدعاية المعلنة والخفية للأنظمة الديكتاتورية الأثيوبية وخاصة النظام الحالي بقيادة ملس زناوي بأن المحيط الأسلامي الذي تجد إثيوبيانفسها فيه يمثل تهديدا  خطيرا عليها مستغلة بشكل فعال مخاوف المجتمعات الغربية ومصادرة تحت غطاء كثيف من هذا التضليل حقوق المسلمين  في الداخل فيما يتم الأيحاء دوما بأنهم يمثلون الأقلية داخل الأمبراطورية. ولرب  متسائل يقول: كيف وجدت هذه الأكاذيب آذانا صاغية وخاصة في عصرالأعلام والمعلومات هذا.  أن هناك عديد من الأوساط العالمية خاصة ألأنجلو أمريكية التي لاتهمها الحائق وإنما تستخدم الأباطيل لبسط نفوذها في العالم مستخدمة سياسة فرق تسد بنجاح.


ومن خصائص مرحلة الفوضى العالمية التي نعيشها اليوم هي قدرة الأغلبية  ممايسمى بالأعلام الحر على خلط  الأوراق وتقديم الأكاذيب كحقائق  ملموسة لاغبار عليها بحيث تصبح حتى لدى أعداد كبيرة من ضحايا هذه الأكاذيب مقبولة. وما تنظيم القاعدة  حسبما أرى شخصيا إلا حلقة واحدة من حلقات تبرير السياسات العدوانية للأوساط الأنجلو أمريكية المتنفذة في العالم.  ولا يحسبن أحد ان الواقع او الحقيقة تحتاج  الى التعمق في السياسة او الى رفاهية فكرية خاصة. يكفينا الألمام بالحقائق العامة لكيلا نكون عرضة لأضطراب فكري وفوضى عقلية قاتلة.

اذا القينا نظرة  سريعة على التاريخ لم يكن الأسلام يمثل حتي من ا لناحية النظرية اي تهديد للحبشة حتي قبل انتهاء عهدالخلافة العثمانية. والعكس هو الصحيح: وقد تمكنت الحبشة بمساعدة الدول الإستعمارية  من ضم اراضى الشعوب الأسلامية في الغالب التي لم تكن يوما من الأيام جزءا من اثيوبيا. ولست أطمع هنا أن أفي هذا المضوع الواسع حقه من الاستقصاء. إن تاريخ الفتوحات العسكرية في العالم متوفر لمن يهتم بالموضوع. وأكتفي بالقول: وقد جاء دور العرب  تحملهم موجة الفتح في القرن السابع الا أنهم لم يتعرضوا على الأطلاق للحبشة وتم انتشار الأسلام في القرن  الأفريقي سلما. ولم يكن هذاالأنتشار السلمي يمثل اي تهديد للحبشة التاريخية حتى بدءت هي العدوان على المسلمين في المنطقة مما ادى الى ردود الأفعال المعروفة من الحروب. مازال حكام الحبشة الي يومنا هذا يتبعون نفس تلك السياسة العدوانية القديمة ويكررون بمناسبة او دون مناسبة نفس الأسطوانة القديمة التي مر عليها الزمن. وقد ساعدت هذه السياسة الأمبراطور هيلى سلاسي  في ضم  اريتريا كما ساعدت ملس زناوي أخيرا في زحف دباباته الى مقدشو وفي تهديده لمصر مؤخرا في سياق مسألة مياه النيل

. وإذا كان الاسلام لم يمثل تهيدا يذكر في عهود الفتوحات الأسلامية الكبرى كيف يمكن للأسلام ان يمثل تهديدا للأمبراطورية الأثيوبية اليوم؟ ثم هل الأسلام بحاجة في عصر الفضائيات الى ذلك حيث تصل رسالته مشارق الأرض ومغاربها دون الحاجة الي القتال؟ ولا يخفى على أحد اليوم بأن حكام الحبشة يتمتعون بأفضل العلاقات مع الدول لأسلامية  وخاصة العربية  من زمن طويل   إذا استثنينا سورية والعراق قبل الغزو الأمريكي -هاتان  الدولتان  لم تكونا من  الدول التي يمكن اتهامها بالميول الأسلامية . إنني لم اسمع حتى يومنا هذا عن دولة اسلامية رفعت صوتها بجدية دفاعا عن حقوق المسلمين في إثيوبيا. وقد تكون هناك في السابق قرارت دول المؤتمر الاسلامي للاستهلاك المحلى ولتي لم تكن الا حبرا على ورق. ولاعجب في ذلك بماان هذه الدول خاضعة للنفوذ الأنجلو-امريكي

الكلام عن التهديد الأسلامي اليوم هو جزء من صفحة جديدة للسياسة الأنجلوـامريكية منذ انتهاء العهد السوفيتي للسيطرة على مصير الشعوب الضعيفة. وحكام الحبشة يستفيدون من هذه السياسة بمهارة.

وتمثل هذه العوامل مجتمعة عقبة امام تطلعات المسلين الى التطور السلمي الديمقراطى والمساوة والعدالة والسلام والرفاهية بصفة عامة. ولكن فلنكن حذرين عندما نضع اصابعنا على العوامل الخارجية التي ادت الى خضوع المسلمين والشعوب المضطهدة داخل اثيوبيا  وخارجها، لأن الواقع هنا ايضا ان شعوبنا كانت قد غلبت على امرها داخليا بسبب الفساد والتخلف الذاتي ولم يستطع حكامها الصمود في وجه التعسف والأغراء.

ويجب اليوم ان تكون لكل من هذه الشعوب على حدى  اومجتمعة  قوى مناضلة ثورية وديمقراطية في نفس الوقت تحمل في النهاية اعباء الماضي، اي تكون قد تعلمت دروس التاريخ لتقوم بمهماتها في الوقت الحاضر على اكمل وجه، بحيث يتحول ضعفنا الحالي- بل كل صدمة تلقيناها في الماضي او سنتلقاها في ا لمستقبل – الى اختبار لها وامتحان لمناعتها وصمودها. أولى الصفات التي تتميز بها القوى المناضلة هي الأنضباط والنظام مع حرية التفكير والأجتهاد لكي لا يكون الجهل وشهوة التزعم وحب التسلط سيد الموقف ولكي لا تتحكم علينا الخرافات والأوهام والنزعات الطائشة والتعصب والأقليمية.

ومن يدرس المدنية الحديثة  في أوربا ليجد انها بكثير من مظاهرها المادية والثقافية الإجابية قائمة علي اساس حرية التفكير والعقلانية. لايمكن ان يكون هناك تنظيم حقيقي بدون نظام وانضباط ولا تتحقق  التعبئة العقلانية و الروحية والمادية المدنية والعسكرية حسب المتطلبات الثورية دون ذلك.

ولايوجد في العالم كتاب يعلمنا كيف نبني تنظيما سياسيا دمقراطيا وثوريا حقيقيا في نفس الوقت.  اقول حقيقيا  لأن ملس زناوي نفسه يتغنى بالديمقراطية الثورية في حين انه يمارس الفاشية بكل ما تعني هذه الكلمة.  ان مهمة بناء التنظيم الثوري هي مهمة نقوم بها في سياق العملية النضالية نفسها من خلال المماراسات اليومية على ضوء معطيات  الواقع. إذا فلنبدء كل منا من نفسه بممارسة الأنضباط والنظام واكتساب روح المسؤلية والألتزام بالمبادئ والأهداف السامية لتحقيق قضية شعبه العادلة بكل الوسائل  المشروعة. وكثيرا ما نتساءل عن الأفلاس الخلقي الذي منينا به والإنحطط الأدبي الذي اصابنا فنجد أن العوامل  الرئسية هي الجري وراء المادة والملذات حتى اننا لا نتردد في قبول الأهانة في سبيل وظائف تخلع علينا،او فتات من المادة يرمي الينا أولوا الأمر. ان اهمية السلوك الفردي في سعادة الأنسان او شقاءه لا تقاس بالكلمات ولايمكن ان تعالج بنجاح عن طريق الخطابات السياسية وحدها. ويجب ان يكون لتحقيقيها اطار الجماعة والتنظيم حيث يكون تفاعل مستمريقظ بين قوى النفس البشرية المخلتلفة بتأثير عامل المحيط الأجتماعي وحيث تكون هناك تربة صالحة للأحتكاك و لتنمية الثقة والأحترام المتبادل وتبادل الأخذ  والعطاء بطريقة  طبيعية وانساية. وهذا كله يتطلب بالدرجة الأولى اقصى درجة من الجدية والقناعة والتفكير الذي يصدر من صميم كياننا النفسي وليس من  الألسنة والأقلام وحدها.

Leave a Reply